اللهم ارحم أمواتنا والمؤمنين

 

اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين

https://allahomerhammyfatherandrighteous.blogspot.com/

الجمعة، 8 يناير 2021

كتاب الصداق /باب جواز التزويج على القليل والكثير واستحباب القصد فيه/ باب جعل تعليم القرآن صداقا / باب من تزوج ولم يسم صداقا/باب تقدمة شيء من المهر قبل الدخول والرخصة في تركها / باب حكم هدايا الزوج للمرأة وأوليائها / كتاب الوليمة والبناء على النساء وعشرتهن / باب استحباب الوليمة بالشاة فأكثر وجوازها بدونها / باب إجابة الداعي /باب ما يصنع إذا اجتمع الداعيان /باب إجابة من قال لصاحبه ادع من لقيت وحكم الإجابة في اليوم الثاني والثالث / باب من دُعي فرأى منكرا فلينكره وإلا فليرجع / باب حجة من كره النثار والانتهاب منه /باب ما جاء في إجابة دعوة الختان/باب الدف واللّهو في النكاح /باب الأوقات التي يستحب فيها البناء على النساء وما يقول إذا زفت إليه / باب ما يكره من تزين النساء به ومالا يكره /////////////



كتاب الصداق
  باب جواز التزويج على القليل والكثير واستحباب القصد فيه
1 - عن عامر بن ربيعة ‏(‏أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أرضيت من نفسك ومالك بنعلين قالت نعم فأجازه‏)‏‏.‏
رواه أحمد وابن ماحه والترمذي وصححه‏.‏
2 - وعن جابر ‏(‏أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يديه طعاما كانت له حلالا‏)‏‏.‏
رواه أحمد وأبو داود بمعناه‏.‏
3 - وعن أنس ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال ماهذا قال تزوجت امرأة على وزهن نواة من ذهب قال بارك اللّه لك أولم ولو بشاة‏)‏‏.‏
رواه الجماعة ولم يذكر فيه أو داود ‏(‏بارك اللّه لك‏)‏‏.‏
حديث عامر بن ربيعة قال الحافظ في بلوغ المرام بعد أن حكى تصحيح الترمذي له أنه خولف في ذلك‏.‏ وحديث جابر في إسناده موسى بن مسلم وهو ضعيف هكذا في مختصر المنذري وقال في التلخيص في إسناده مسلم بن رومان وهو ضعيف انتهى‏.‏ قال أبو داود إن بعضهم رواه موقوفا ورواه أبو عاصم عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر قال ‏(‏كنا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نستمتع بالقبضة من الطعام على معنى المتعة‏)‏ قال ورواه ابن جريج على أبي الزبير عن جابر على معنى أبي عاصم وهذا الذي ذكره أبو داود معلقا قد أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن جريج عن أبي الزبير قال ‏(‏سمعت جابرا يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عقد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أبو بكر البيهقي وهذا وإن كان في نكاح المتعة ونكاح المتعة صار منسوخا فإنما فسخ منه شرط الأجل فأما ما يجعلونه صداقا فإنه لم يرد فيه نسخ‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وزن نواة من ذهب‏)‏ في رواية للبخاري ‏(‏نواة من ذهب‏)‏ ورجحها الداودي استنكر رواية من روى وزن نواة‏.‏ قال الحافظ واستنكاره المنكر لأن الذين جزموا بذلك أئمة حفاظ قال عياض لا وهم في الرواية لأنها إن كانت واة تمر أو غيره كان للنواة قدر معلوم صح أن يقال في كل ذلك وزن نواة فقيل المراد واحدة نوى التمر وإن القيمة عنها يومئذ كانت خمسة دراهم‏.‏ وقيل كان قدرها يومئذ ربع دينار ورد بأن نوى التمر يختلف في الوزن فكيف يجعل معيارا لما يوزن به وقيل لفظ النواة من ذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق وجزم به الخطابي واختاره الأزهري ونقله عياض عن أكثر العلماء‏.‏ ويؤيده أن في رواية للبيهقي وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم وقيل وزنها من الذهب خمسة دراهم حكاه ابن قتيبة وجزم به ابن فارس وجعله البيضاوي الظاهر‏.‏ ووقع في رواية للبيهقي قومت ثلاثة دراهم وإسناده ضعيف ولكن جزم به أحمد وقيل ثلاثة ونصف‏.‏ وقيل ثلاثة وربع‏.‏ وعن بعض المالكية النواة عند أهل المدينة ربع دينار ووقع في رواية للطبراني قال أنس حزرناها ربع دينار‏.‏ وقال الشافعي ربع النش والنش نصف أوقية والأوقية أربعون درهما فيكون خمسة دراهم‏.‏ وكذا قال أبو عبيد أن عبد الرحمن دفع خمسة دراهم وهي تسمى نواة كما تسمى الأربعون أوقية وبه جزم أبو عوانة وآخرون
ـ والأحاديث ـ المذكورة تدل على أنه يجوز أن يكون المهر شيئا حقيرا كالنعلين والمد من الطعام ووزن نواة من ذهب قال القاضي عياض الإجماع على أن مثل الشيء الذي لا يتمول ولاله قيمة لا يكون صداقا ولا يحل به النكاح فإن ثبت نقله فقد خرق هذا الإجماع أبو محمد ابن حزم فقال يجوز بكل شيء ولو كان حبة من شعير ويؤيد ما ذهب إليه الكافة قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏التمس ولو خاتما من حديد‏)‏ كما سيأتي لأنه أورده مورد التقليل بالنسبة فما فوقه ولا شك أن الخاتم من الحديد له قيمة وهو أعلى خطرا من النواة وحبة الشعير‏.‏ وكذلك حكى في البحر الإجماع على أنه لا يسمح تسمية ما لا قيمة له‏.‏ قال الحافظ وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شيء وذكر منها حديث عامر بن ربيعة وحديث جابر المذكورين في الباب وحديث أبي لبيبة مرفوعا عند ابن أبي شيبة ‏(‏من استحل بدرهم في النكاح فقد استحل‏)‏ وحديث أبي سعيد عند الدارقطني في أثناء حديث في المهر ‏(‏ولو على سواك من أراك‏)‏ قال وأقوى شيء في ذلك حديث جابر عند مسلم‏.‏ كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ثم ذكر كلام البيهقي الذي قدمناه‏.‏
ـ وقد اختلف ـ في أقل المهر فحكى في البحر عن العترة جميعا وأبي حنيفة وأصحابه أن أقله عشرة دراهم أو ما يوازيها واستدلوا بما أخرجه الدارقطني من حديث جابر بلفظ ‏(‏لا مهر أقل من عشرة دراهم‏)‏ وهذا الوصح لكان معارضا لما تقدم من الأحاديث الدالة على أنه يصح أن يكون المهر دونها ولكنه لم يصح فإن في إسناده مبشر بن عبيد وحجاج بن أرطاة وهم ضعيفان وقد اشتهر حجاج بالتدليس ومبشر متروك كما قال الدارقطني وغيره وقال البخاري منكر الحديث‏.‏
وقال أحمد روى عنه بقية أحاديث كذب وقد روى الحديث البيهقي من طرق منها عن علي عليه السلام وفي إسناده داود الأودي وهذا الاسم يطلق على اثنين أحدهما داود ابن زيد وهو ضعيف لا خلاف والثاني داود بن عبد اللّه وقد وثقه أحمد واختلفت الرواية فيه عن يحيى بن معين‏.‏ ومنها عن جابر قال البيهقي بعد اخراجه هو حديث ضعيف بمرة وروى أيضا عن علي عليه السلام من طريق فيها أبو خالد الواسطي فهذه طرق ضعيفة لا تقوم لها حجة وعلى فرض أنها يقوى بعضها بعضا فهي لا تبلغ بذلك إلى حد الأعتبار لا سيما وقد عارضها ما في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة مثل حديث الخاتم الذي سيأتي وحديث نواة الذهب وسائر الأحاديث التي قدمناها وحكى في البحر أيضا عن عمر وابن عباس والحسن البصري وابن المسيب وربيعة والأوزاعي والثوري وأحم وإسحاق والشافعي ان أقله ما يصح ثمنا أو أجرة وهذا مذهب راجح وقال سعيد بن جبير أقله خمسون درهما وقال النخعي أربعون وقال ابن شبرمة خمسة دراهم وقال مالك ربع دينار وليس على هذه الأربعة الأقوال دليل يدل على أن الأقل هو أحدها لا دونه ومجرد موافقة مهر من المهور الواقعة في عصر النبوة لواحد مها كحديث النواة من الذهب فإنه موافق لقوله ابن شبرمة ولقول مالك على حسب الأختلاف في تفسيرها لا يدل على أنه المقدر الذي لا يجزى دونه الا مع التصريح بأنه لا يجزى دون ذلك المقدار ولا تصريح‏.‏ فلاح من هذا التقريران كل ماله قيمة صح أن يكون مهرا وسيأتي في باب جعل تعليم القرآن صداقا زيادة تحقيق للمقام‏.‏
4 - وعن عائشة ‏(‏أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة‏)‏‏.‏ رواه أحمد‏.‏
5 - وعن أبي هريرة قال ‏(‏كان صداقنا إذ كان فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عشر أواقى‏)‏‏.‏ رواه النسائي وأحمد وزاد ‏(‏وطبق بيديه وذلك أربعمائة‏)‏‏.‏
6 - وعن أبي سلمة قال ‏(‏سألت عائشة كم كان صداق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قالت كان صداقه لا زواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا قالت أتدري ما النش لا قالت نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم‏)‏‏.‏ رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي‏.‏
7 - وعن أبي العجفاء قال ‏(‏سمعت عمر يقول لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ما أصدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية‏)‏‏.‏ رواه الجماعة وصححه الترمذي‏.‏
8 - وعن أبي هريرة قال ‏(‏جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال اني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هل نظرت إليها فإن في عيون الانصار شيئا قال قد نظرت إليها قال علي كم تزوجتها قال على أربع أواق فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ماعندنا ما نعطيك ولكن عيسى أن نبعثك في بعث تصيب منه قال فبعث بعثا إلى بني عيسى بعث ذلك الرجل فيهم‏)‏‏.‏رواه مسلم‏.‏
9 - وعن عروة بن أم حبيبة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم تزوجها وهي بأرض الحبشة زوجها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف وجهزها من عنده وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ولم يبعث إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بشيء وكان مهر نسائه أربعمائة درهم‏)‏‏.‏ رواه أحمد والنسائي‏.‏
حديث عائشة الأول أخرجه أيضا الطبراني في الأوسط بلفظ ‏(‏أخف النساء صداقا أعظمهن بركة‏)‏ وفي إسناده الحرث بن شبل وهو ضعيف وأخرج أيضا الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه‏.‏ وأخرج نحوه أبو داود والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم خير الصداق أيسره‏)‏ وحديث أبي هريرة رجال إسناده ثقات‏.‏ وحديث أبي العجفاء صححه ايضا ابن حبان والحاكم وأبو العجفاء اسمه هرمز بن نسيب قال يحيى بن معين بصرى ثقة وقال البخاري في حديثه نظر‏.‏ وقال أبو أحمد الكرابيسي حديثه ليس بالقائم‏.‏ وحديث أم حبيبة أخرجه أيضا أبو داود بلفظ ‏(‏أنه زوجها النجاشي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم مع شرحبيل بن حسنة‏)‏ وأخرج أبو داود أيضا عن الزهري مرسلا ‏(‏أن النجاشي زوج أم حبيبة بنت أبي سفيان من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على صداق أربعة آلاف درهم وكتب بذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وقيل بمائتي دينار‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏أسره مؤنة‏)‏ فيه دليل على أفضلية النكاح مع قلة المهر وأن الزواج بمهر قليل مندوب إليه لأن المهر إذا كان قليلا لم يستصعب النكاح من يريده فيكثر الزواج المرغب فيه ويقدر عليه الفقراء ويكثر النساء الذي هو أهم مطالب النكاح بخلاف ما إذا كان المهر كثيرا فإنه لا يتمكن منه إلا أرباب الأموال فيكون الفقراء الذين هم الأكثر في الغالب غير مزوجين فلا تحصل المكاثرة التي ارشد إليها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كما سلف في أول النكاح‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وذلك أربعمائة‏)‏ أي درهم لأن الأوقية كانت قديما عبارة عن أربعين درهما كما صرح به صاحب النهاية‏.‏ قوله ‏(‏كان صداقه لأزواجه‏)‏ الخ ظاهره أن زوجات النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كلهن كان صداقهن ذلك المقدار وليس الأمر كذلك وإنما هو محمول على الأكثر فإن أم حبيبة أصدقها المقدار وليس الأمر كذلك وإنما هو محمول على الأكثر فإن أم حبيبة أصدقها النجاشي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم المقدار المتقدم‏.‏ وقال ابن إسحاق عن أبي جعفر أصدقها أربعمائة دينار أخرجه ابن أبي شيبة م طريقه وأخرج الطبراني عن أنس أنه أصدقها مائتي دينار وإسناده ضعيف وصفية كان عتقها صداقها وخديجة وجويرية لم يكونا كذلك كما قال الحافظ‏.‏ قوله ‏(‏ونش‏)‏ بفتح النون بعدها شين معجمة وقع مرفوعا في هذا الكتاب والصواب ونشا بالنصب مع وجود لفظ كان كما في غير هذا الكتاب أو الرفع مع عدمها كما في رواية أبي داود‏.‏ قوله ‏(‏لاتغلوا صدق النساء‏)‏ الخ ظاهر النهي التحريم‏.‏ وقد أخرج عبد الرزاق عن عمر أنه قال ‏(‏لا تغالوا في مهر النساء فقالت امرأة ليس ذلك لك يا عمر ان اللّه تعالى يقول ‏{‏وآتيتم احداهن قنطارا من ذهب‏}‏ كما في قراءة ابن مسعود فقال عمر امرأة خاصمت عمر فخصمته‏)‏ وأخرجه الزبير بن بكار بلفظ ‏(‏امرأة أصابت ورج أخطأ‏)‏ وأخرجه أبو يعلى مطولا وقد وقع الإجماع على أن المهر لأحد لأكثره بحيث تضير الزيادة على ذلك الحد باطلة للآية‏.‏ وقد اختلف في تفسير القنطار المذكور في الآية فقال أبو سعيد الخدري هو ملء مسك ثور ذهبا وقال معاذ الف ومائتا أوقية ذهبا وقيل سبعون ألف مثقال وقيل مائة رطل ذهبا‏.‏ قوله ‏(‏زوجها النجاشي‏)‏ فيه دليل على جواز التوكيل من الزوج لمن يقبل عنه النكاح وكانت أم حبيبة المذكورة مهاجرة بأرض الحبشة مع زوجها عبد اللّه بن جحش فمات بتلك الأرض فزوجها النجاشي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏.‏ وأم حبيبة هي بنت أبي سفيان وقد تقدم اختلاف الروايات في مقدار صداقها‏.‏
  باب جعل تعليم القرآن صداقا
1 - عن سهل بن سعد ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول اللّه إني قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال يا رسول اللّه زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم هل عندك من شيء تصدقها اياه فقال ما عندي إلا إزاري هذا فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إن أعطيتها إزارك فالتمس شيئا فقال ما أجد شيئا ألتمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هل معك من القرآن شيء قال نعم سورة كذا وسورة كذا لسور يسميها فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قد زوجتها بما معك من القرآن‏)‏‏.‏
متفق عليه‏.‏ وفي رواية متفق عليها ‏(‏قد ملكتكها بما معك من القرآن‏)‏ وفي رواية متفق عليها ‏(‏فصعد فيها النظر وصوبه‏)‏‏.‏
2 - وعن أبي النعمان الأزدي ‏(‏قال زوج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم امراة على سورة من القرآن ثم قال لا يكون لأحد بعدك مهرا‏)‏‏.‏ رواه سعيد في سننه وهو مرسل‏.‏
حديث أبي النعمان مع إرساله قال الفتح فيه لا يعرف‏.‏ وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي داود والنسائي‏.‏ وعن ابن مسعود عند الدارقطني‏.‏ وعن ابن عباس عند أبي الشيخ وأبي عمر بن حيويه في فوائده‏.‏ وعن ضمير جد حسين بن عبد اللّه عند الطبراني‏.‏ وعن أنس عند البخاري والترمذي‏.‏ وعن أبي أمامة عند تمام في فوائده وعن جابر عند أبي الشيخ‏.‏ قوله ‏(‏جاءته امرأة‏)‏ قال الحافظ هذه المرأة لم أقف على اسمها ووقع في الأحكام لابن الطلاع أنها خولة بنت حكيم أو أم شريك وهذا نقل من اسم الواهبة الواردة في قوله تعالى ‏{‏وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي‏}‏ صلى اللّه عليه وآله وسلم ولكن هذه غيرها‏.‏ قوله ‏(‏وهبت نفسي‏)‏ هو على ذف مضاف أي امر نفسي لأن رقبة الحر لا تملك قوله ‏(‏فقام رجل‏)‏ قال الحافظ لم أقف على اسمه ووقع في رواية للطبراني فقام رجل أحسبه من الأنصار‏.‏ قوله ‏(‏ولو خاتما‏)‏ وفي رواية ‏(‏ولو خاتم‏)‏ بالرفع على تقدير حصل‏.‏ ولو في قوله ولو خاتما تعليلية‏.‏ قال عياض ووهم من زعم خلاف ذلك ووقع في رواية عند الحاكم والطبراني من حديث سهل زوج رجلا بخاتم من حديد فصه فضة‏.‏ قوله ‏(‏هل معك من القرآن شيء‏)‏ المراد هنا بالمعية الحفظ عن ظهر قلبه‏.‏ وقد وقع في رواية ‏(‏أتقرؤهن على ظهر قلبك‏)‏ بعد قوله سورة كذا ومعي سورة كذا وكذلك في رواية الثوري عند الإسماعيلي بلفظ ‏(‏قال عن ظهر قلبك قال نعم‏)‏‏.‏ قوله ‏(‏سورة كذا وسورة كذا‏)‏ وقع في رواية من حديث أبي هريرة ‏(‏سورة البقرة أو التي تليها‏)‏ كذا عند أبي داود والنسائي ووقع في حديث ابن مسعود ‏(‏نعم سورة البقرة وسورة من المفصل‏)‏ وفي حديث ضميرة ‏(‏زوج صلى اللّه عليه وآله وسلم رجلا على سورة البقرة لم يكن عنده شيء‏)‏ وفي حديث أبي أمامة ‏(‏زوج صلى اللّه عليه وآله وسلم رجلا من أصحابه امرأة على سورة من المفصل جعلها مهرا وأدخلها عليه وقال علمها‏)‏ وفي حديث أبي هريرة ‏(‏فعلمها عشرين آية وهي امرأتك‏)‏ وفي حديث ابن عباس ‏(‏أزوجها منك على أن تعلمها أربع أو خمس سور من كتاب اللّه‏)‏ وفي حديث ابن عباس وجابر ‏(‏هل تقرأ من القرآن شيئا قال نعم إنا أعطيناك الكوثر قال اصدقها اياها‏)‏ قال الحافظ ويجمع بين هذه الألفاظ بأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ بعض أو أن القصص متعددة‏.‏ 
 
ـ والحديث يدل ـ على جواز جعل المنفعة صداقا ولو كانت تعليم القرآن قال المازري هذا ينبني على أن الباء للتعويض كقولك بعتك ثوبي بدينا وقال وهذا هو الظاهر وإلا لو كانت بمعنى اللام على معنى تكرمه لكونه حاملا للقرآن لصارت المرأة بمعنى الموهوبة والموهوبة خاصة بالنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏.‏
وقال الطحاوي والأبهري وغيرهما بأن هذا خاص بذلك الرجل لكون النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يجوز له نكاح الواهبة فكذلك يجوز له إنكاحها من شاء بغير صداق واحتجوا على هذا بمرسل أبي النعمان المذكور لقوله فيه ‏(‏لا يكون لأحد بعدك مهر‏)‏ وأجيب عنه بما تقدم من إرساله وجهالة بعض رجال اسناده‏.‏ وأخرج أبو داود من طريق مكحول قال ليس هذا لأحد بعد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأخرج أبو عوانة من طريق الليث بن سعد نحوه ولا حجة في أقوال التابعين قال عياض يحتمل قوله بما معك من القرآن وجهين أظهرهما أن يعلمها ما معه من القرآن أو مقدارا معينا منه ويكون ذلك صداقها وقد جاء هذا التفسير عن مالك ويؤيده قوله في بعض طرقه الصحيحة فعلمها من القرآن وعين في حديث أبي هريرة مقدار ما يعلمها وهو عشرون آية ويحتمل أن تكون الباء بمعنى اللام أي لأجل ما معك من القرآن فأكرمه بأن زوجه المرأة بلا مهر لأجل كونه حافظا للقرآن أو لبعضه ونظيره قصة أبي طلحة مع أم سليم فقالت واللّه ما مثلك يرد ولكنك كافر وأ،ا مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك فإن تسلم فذلك مهري ولا أسألك غيره فكان ذلك مهرها‏)‏ وأخرج النسائي أيضا نحوه من طريق أخرى ويؤيده الاحتمال الأول ابن أبي شيبة والترمذي من حديث أنس ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم سأل رجلا من أصحابه يا فلان هل تزوجت قال لا وليس عندي ما أتزوج به قال أليس معك قل هو اللّه أحد‏)‏ وأجاب بعضهم عن الحديث بأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زوجها أياه لأجل ما معه من القرآن الذي حفظه وسكت عن المهر فيكون ثابتا في ذمته إذا أيسر كنكاح التفويض ويؤيده ما في حديث ابن عباس حيث قال فيه فإذا رزقك اللع فعوضها قال في الفتح لكنه غير ثابت وأجاب البعض باحتمال أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زوجه لأجل ما حفظه من القرآن وأصدق عنه كما كفر عن الذي واقع امرأـه في رمضان ويكون ذكر القرآن وتعليمه على سبيل التحريض على تعلم القرآن وتعليمه والتنويه بفضل أهله وأجيب بما تقدم من التصريح بجعل التعليم عوضا‏.‏ وقد ذهب إلى جواز جعل المنفعة صداقا الشافعي وإسحاق والحسن بن صالح وبه قالت العترة وعند المالكية فيه خلاف ومنعه الحنفية في الحر وأجازوه في العبد إلا في الإجارة في تعليم القرآن فمنعوه مطلقا بناء على أصلهم في أن أخذ الأجرة على تعلم القرآن لا يجوز وقد تقدم الكلام على ذلك وقد نقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة إلا الحنفية وقال ابن العربي من العلماء من قال زوجه علي أن يعلمها من القرآ، فكأنها كانت إجارة وهذا كرهه مالك ومنعه أبو حنيفة‏.‏ وقال ابن القاسم يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده قال والصحيح جوازه بالتعليم‏.‏ وقال القرطبي قوله علمها نص في الأمر بالتعليم والسياق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح فلا يلتفت لقول من قال أن ذلك كان إكراما للرجل ولا مساقا‏.‏
ـ وفي الحديث ـ فوائد منها ثبوت ولاية الإمام على المرأة التي لا قريب لها وقد أطال الكلام على ما يتعلق بالحديث من فوائد في الفتح وذكر أكثر من ثلاثين فائدة فمن أحب الوقوف على ذلك فليرجع إليه‏.‏
  باب من تزوج ولم يسم صداقا
عن علقمة قال أتى عبد اللّه في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقا ولم يكن دخل بها قال فاختلفوا إليه فقال أرى لها مثل مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قضى في بروع ابنة واشق بمثل ما قضى‏)‏‏.‏
رواه الخمسة وصححه الترمذي‏.‏
الحديث أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان وصححه أيضا ابن مهدي‏.‏ وقال ابن حزم لا مغمرز ‏ـ ‏مغمز‏؟‏‏؟‏ ـ‏ فيه لصحة إسناده وقال الشافعي لا أحفظه من وجه يثبت مثله ولو ثبت حديث بروع لقلت به وقد قيل ان في راوي الحديث اضطرابا فروي مرة عن مقعل بن سنان ومرة عن رجل من أشجع أو ناس من أشجع وقيل غير ذلك‏:‏ قال البيهقي قد سمي فيه ابن سنان وهو صحابي مشهور والاختلاف فيه لا يضر فإن جميع الروايات فيه صحيحة وفي بعضها ما دل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك‏.‏ وقال ابن أبي حاتم قال أبو زرعة الذي قال معقل بن سنان أصح وروى الحاكم في المستدرك عن حرملة بن يحيى أنه قال شيخنا أبو عبيد اللّه لوحضرت الشافعي لقمت على رؤوس الناس وقلت بن عامر أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زوج امرأة رجلا فدخل بها ولم يفرض لها صداقها فحضرته الوفاة فقال أشهدكم ان سهمي بخيبر لها‏.‏
والحديث فيه دليل على أن المرأة تستحق بموت زوجها بعد العقل قبل فرض الصداق جميع المهر وان لم يقع منه دخول ولاخلوة وبه قال ابن مسعود وابن سيرين وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد‏.‏وعن علي عليه السلام وابن عباس وابن عمر ومالك والأوزاعي والليث والهادي وأحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن القاسم أنها لا تستحق إلا الميراث فقط ولا تستحق مهرا ولامتعة لأن المتعة لم ترد إلا للمطلقة والمهر عن الوطء ولم يقع من الزوج وأجابوا عن حديث الباب بالاضطراب ورد بما سلف قالوا روي عن علي أنه قال لا نقبل قول أعرابي بوال على عقبيه فيما يخالف كتاب اللّه وسنة نبيه ورد بأن ذلك لم يثبت عنه من وجه صحيح ولم سلم ثبوته فلم ينفرد بالحديث معقل المذكور بل روى من طريق غيره بل معه الجراح كما وقع عند أبي داود والترمذي وناس من أشجع كما سلف وأيضا الكتاب والسنة إنما نفيا مهر المطلقة قبل المس والفرض لا مهر من مات عنها زوجها وأحكام الموت غير أحكام الطلاق‏.‏ وفي رواية عن القاسم أن لها المتعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏ولها الميراث‏)‏ هو مجمع على ذلك كما في البحر وإنما اتفق على أنها تستحقه لأنه يجب لها بالعقد إذ هو سببه لا الوطء‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏بروع‏)‏ قال في القاموس كجدول ولا يكسر بنت وأشق صحابية وفي المغني بفتح الباء عند أهل اللغة وكسرها عند أهل الحديث‏.‏
  باب تقدمة شيء من المهر قبل الدخول والرخصة في تركها
1 - عن ابن عباس ‏(‏قال لما تزوج علي فاطمة قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أعطها شيئا قال عندي شيء قال أين درعك الحطمية‏)‏‏.‏
رواه أبو داود والنسائي‏.‏ وفي رواية ‏(‏أن عليا لما تزوج فاطمة أراد أن يدخل بها فمنعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حتى يعطيها شيئا فقال يا رسول اللّه ليس لي شيء فقال له أعطها درعك الحطمية فأعطاها درعه ثم دخل بها‏)‏ رواه أبو داود وهو دليل على جواز الامتناع من تسليم المرأة ما لم تقبض مهرها‏.‏
2 - وعن عائشة قالت ‏(‏أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئا‏)‏‏.‏
رواه أبو داود وابن ماجه‏.‏
حديث ابن عباس صححه الحاكم وسكت عنه أبو داود والمنذري والرواية الثانية منه هي في سنن أبي داود عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يقل عن ابن عباس كما في الرواية الأولى‏.‏ وحديث عائشة سكت عنه أبو داود والمنذري إلا أن أبا داود قال خثيمة لم يسمع من عائشة انتهى‏.‏ وفي شريك مقال‏.‏ وقال البيهقي وصله شريك وأرسله غيره‏.‏
ـ وقد استدل ـ بحديث ابن عباس من قال أنه يجوز الامتناع من تسليم المرأة حتى يسلم الزوج مهرها وكذلك للمرأة الامتناع حتى يسمي الزوج مهرها وقد تعقب بأن المرأة إذا كانت قد رضيت بالعقد بلا تسمية أو أجازته فقد نفذ وتعين به مهر المثل ولم يثبت لها الامتناع وإن لم يكن رضيت به بغير تسمية ولا إجازة فلا عقد رأسا فضلا عن الحكم بجواز الامتناع وكذلك يجوز للمرأة أن تمتنع حتى يعين الزوجمهرها ثم حتى يسلمه قيل وظاهر الحديث أن المهر لم يكن مسمى عند العقد وتعقب بأنه يحتمل أنه كان مسمى عند العقد ووقع التأجيل به ولكنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمره بتقديم شيء منه كرانة للمرأة وتأنيسا‏.‏ وحديث عائشة المذكور يدل على أنه لا يشترط في صحة النكاح أن يسلم الزوج إلى المرأة مهرها قبل الدخول ولا أعرف في ذلك خلافا‏.‏ قوله ‏(‏الحطمية‏)‏ بضم الحاء المهملة وفتح الطاء المهملة أيضا منسوبة إلى الحطم سميت بذلك لأنها تحطم السيوف وقيل منسوبة إلى بطن من عبد قيس يقال له حطمة بن محارب كانوا يعملون الدروع كذا في النهاية‏.‏
  باب حكم هدايا الزوج للمرأة وأوليائها
1 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‏(‏أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد العصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما يكرم عليه الرجل ابنته وأخته‏)‏‏.‏
رواه الخمسة إلا الترمذي‏.‏
الحديث سكت عنه أبو داود وأشار المنذري إلى أنه من رواية عمرو بن شعيب وفيه مقال معروف قد تقدم بيانه في أوائل هذا الشرح ومن دون عمرو بن شعيب ثقات وفيه دليل على أن المرأة تستحق جميع ما يذكر قبل العقد من صداق أو حباء وهو العطاء أو عدة بوعد ولو كان ذلك الشيء مذكورا لغيرها وما يذكر بعد عقد النكاح فهو لمن جعل له سواء كان وليا أو غير ولي أو المرأة نفسها‏.‏ وقد ذهب إلى هذا عمر بن عبد العزيز والثوري وأبو عبيد ومالك والهادوية‏.‏ وقال أبو يوسف أن ذكر قبل العقد لغيرها استحقه‏.‏ وقال الشافعي إذا سمي لغيرها كانت التسمية فاسدة وتستحق مهر المثل وقد وهم صاحب الكافي فقالف أنه لم يقل بالقول الأول إلا الهادي وإن ذلك القول خلاف الإ>ماع قال والصحيح أن ما شرطه الولي لنفسه سقط وعليه عامة السادة والفقهاء وقد عرفت من قال بذلك وأنه الظاهر من الحديث‏.‏ قوله ‏(‏وأحق ما يكرم عليه‏)‏ الخ فيه دليل على مشروعية صلة أقارب الزوجة وإكرامهم والإحسان إليهم وأن ذلك حلال لهم وليس من قبيل الرسوم المحرمة إلا أن يمتنعوا من التزويج إلا به‏.‏
 
كتاب الوليمة والبناء على النساء وعشرتهن
    باب استحباب الوليمة بالشاة فأكثر وجوازها بدونها
1 - قال صلى اللّه عليه وآله وسلم لعبد الرحمن ‏(‏أولم ولو بشاة‏)‏‏.‏
2 - وعن أنس قال ‏(‏ما أولم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على شيء من نسائه ما أولم على زينب أولم بشاة‏)‏‏.‏
متفق عليه‏.‏
3 - وعن أنس ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أولم على صفية بتمر وسويق‏)‏‏.‏
رواه الخمسة إلا النسائي‏.‏
4 - وعن صفية بنت شيبة أنها ‏(‏قالت أولم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير‏)‏‏.‏
أخرجه البخاري هكذا مرسلا‏.‏
5 - وعن أنس في قصة صفية ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم جعل وليمتها التمر والأقط والسمن‏)‏‏.‏
رواه أحمد ومسلم‏.‏ وفي رواية ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أقام بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبني بصفية فدعون المسلمين إلى وليمنته ما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها الا أن أمر بالأنطاع فالقي عليها ما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر بالإنطاع فبسطت فالقي عليها التمر والأقط والسمن فقال المسلمون إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه فقالوا أن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب‏)‏ متفق عليه‏.‏
حديث ‏(‏أولم ولو بشاة‏)‏ قد تقدم في أول كتاب الصداق‏.‏ وحديث أنس الثاني أخرجه أيضا ابن حبان‏.‏ قوله ‏(‏أولم‏)‏ قال الأزهري الوليمة مشتقة من الولم وهو الجمع لأن الزوجين يجتمعان‏.‏ وقال ابن الأعرابي أصلها تمام الشيء واجتماعه وتقع على كل طعام يتخذ لسرور وتستعمل في وليمة الأعراس بلا تقييد وفي غيرها مع التقييد فيقال مثلا وليمة مأدبة هكذا‏.‏ قال بعض الفقهاء وحكاه في الفتح عن الشافعي وأصحابه وحكى ابن عبد البر عن أهل اللغة وهو المنقول عن الخليل وثعلب وبه جزم الجزهري وابن الأثير أن الوليمة هي الطعام في العرس خاصة قال ابن رسلان وقول أهل اللغة أقوى لأنهم اللسان وهو أعرف بموضوعات اللغة وأعلم بلسان العرب انتهى‏.‏ ويمكن أن يقال الوليمة في اللغة وليمة العرس فقط وفي الشرع للولائم المشروعة‏.‏ وقال في القاموس طعام العرس أوكل طعام صنع لدعوة وغيرها وأولم صنعها‏.‏ وقال صاحب المحكم الوليمة طعام العرس والأملاك وسيأتي تفسير الولائم وظاهر الأمر الوجوب وقد روى القول به القرطبي عن مذهب مالك وقال مشهور المذهب أنها مندوبة وروى ابن التين الوجوب أيضا عن مذهب مالك وقال مشهور المذهب أنها مندوبة وروى ابن التين الوجوب أيضا عن مذهب أحمد لكن الذي في المغنى أنها سنة وكذلك حكي الوجوب في البحر عن أحد قولي الشافعي وحكاه ابن الحزم عن أهل الظاهر وقال سليم الرازي أنه ظاهر نص الأم ونقله أبو إسحاق الشيرازي عن النص وحكاه في الفتح أيضا عن بعض الشافعية وبهذا يظهر ثبوت الخلاف في الوجوب لا كما قال ابن بطال ولا أعلم أحدا أوجبها وكذا قال صاحب المغني ومن جملة ما استدل به من أوجبها ما أخرجه الطبراني من حديث وحشي بن حرب رفعه ‏(‏الوليمة حق‏)‏ وفي مسلم ‏(‏شر الطعام طعام الوليمة ثم قال وهو حق‏)‏ وفي رواية لأبي الشيخ والطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة رفعه ‏(‏الوليمة حق وسنة فمن دعى إليها فلم يجب فقد عصى‏)‏ وأخرج أحمد من حديث بريدة قال لما خطب على فاطمة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه لا بد للعروس من وليمة قال الحافظ وسنده لا بأس به قال ابن بطال قوله حق أي ليست بباطل بل يندب إليها وهي سنة فضيلة وليس لمراد بالحق الوجوب وأيضا هو طعام لسرور حادث فأشبه سائر الأطعمة والأمر محمول على الاستحباب ولكونه أمر بشاة وهي غير واجبة اتفاقا‏.‏ قال في الفتح وقد اختلف السلف وفي وقتها هل هو عند العقد أو عقبة أو عند الدخول أو عقبة أو يوسع من ابتداء العقد إلى انتهاء الدخول على أقوال قال النووي اختلفوا فحكي القاضي عياض أن الأصح عند المالكية استحبابها بعد الدخول وعن جماعة منهم عند العقد‏.‏ وعن ابن جندب عند العقد وبعد الدخول قال السبكي والمنقول من فعل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أ،ها بعد الدخول انتهى‏.‏ وفي حديث أنس عند البخاري وغيره التصريح بأنها بعد الدخول لقوله أصبح عروسا بزينب فدعا القوم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏ولو بشاة‏)‏ لو هذه ليست إلا متناعية وإنما هي التي للتقليل‏.‏
وفي الحديث دليل على أن الشاة أقل ما يجزي في الوليمة عن الموسر ولولا ثبوت أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أو لم على بعض نسائه بأقل من الشاة لكان يمكن أن يستدل به على أن الشاة أقل ما يجزي في الوليمة مطلقا ولكن هذا الأمر من خطاب الواحد وفي تناوله لغيره خلاف في الأصول معروف‏.‏
قال القاضي عياض وأجمعوا على أنه لأحد لأكثر ما يولم به وأما أقله فكذلك ومهما تيسير أجزأ والمستحب أنها على قدر حال الزوج‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏ما أولم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على شيء من نسائه‏)‏ الخ هذا محمول على ما انتهى إليه علم أنس أو لما وقع من البركة في وليمتها حيث أشبع خبزا ولحما من الشاة الواحدة وإلا فالذي يظهر أنه أو لم على ميمونة بنت الحرث التي تزوجها في عمرة القضية بمكة وطلب من أهل مكة أن يحضروا وليمتها فامتنعوا أن يكون ما أولم به عليها أكثر من شاة لوجود التوسعة عليه في تلك الحال لأن ذلك كان بعد فتح خيبر وقد وسع اللّه على المسلمين في فتحها عليهم هكذا في الفتح وما ادعاه من الظهور ممنوع لأن كونه دعا أهل مكة لا يستلزم أن تكون تلك الوليمة بشاة أو بأكثر منها بل غايته أن يكون فيها طعام كثير يكفي من دعاهم مع أنه يمكن أن يكون في تلك الحال الطعام الذي دعاهم إليه قليلا ولكنه يكفي الجميع بتبريكه صلى اللّه عليه وآله وسلم عليه فلا تدل كثرة المدعوين على كثرة الطعام ولا سيما وهو في تلك الحال مسافر فإن السفر مظنة لعدم التوسعة في الوليمة الواقعة فيه فيعارض هذا مظنة التوسعة لكون الوليمة واقعة بعد فتح خيبر‏.‏ قال ابن بطال لم يقع من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم القصد إلى تفضيل بعض النساء على بعض بل باعتبار ما اتفق وأنه لو وجد الشاة في كل منهن لأولم بها لأنه كان أجود الناس ولكن كان لا يبالغ فيما يتعلق بأمور الدنيا في التأنق وقال غيره يجوز أن يكون فعل ذلك لبيان الجواز وقال الكرماني لعل السبب في تفضيل زينب في الوليمة على غيرها كان الشكر للّه على ما أنعم به عليه من تزويجه أياها بالوحي‏.‏ وقال ابن المنير يؤخذ من تفضيل بعض النساء على بعض في الوليمة جواز تخصيص بعضهن دون بعض في الأتحاف والألطاف‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وعن صفية بنت شيبة‏)‏ صفية هذه ليست بصحابية وحديثها مرسل وقد رواه البعض عنها عن عائشة ورجح النسائي قوله من لم يقل يقل عن عائشة ولكنه قد روى البخاري عنها في كتاب الحج أنها قالت ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏ وقد ضعف ذلك المزي بأنه مروى من طريق أبان بن صالح زكذلك صرح بتضعيفه ابن عبد البر في التمهيد ويجاب بأنه قد وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم حتى قال الذهبي في مختصر التهذيب ما رأيت أحدا ضعف إبان بن صالح ومما يدل على ثبوت صحبتها ما أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديثها ‏(‏قالت طاف النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على بعير يستلم الحجر بمحجن وأنا أنظر إليه‏)‏ قال المزي هذا يضعف قول من أنكر أن يكون لها رؤية فإن إسناده حسن فيحتمل أن يكون مراد من أطلق أنه مرسل يعني من مراسيل الصحابة لأنها ما حضرت قصة زواج المرأة المذكورة في الحديث لأنها كانت بمكة طفلة أو لم تولد بعد والتزوج كان بالمدينة قوله ‏(‏على بعض نسائه‏)‏ قال الحافظ لم أقف على تعيين اسمها صريحا وأقرب ما يفسر به أم سلمة فقد أخرج ابن سعد عن شيخة الواقدي بسنده إلى أم سلمة ‏(‏قالت لما خطبني النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فذكر قصة تزويجه قالت فأدخلني بيت زينب بنت خزيمة فإذا جرة فيها شيء من شعير فأخذته فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت شيئا من إهالة فادمته فكان ذلك طعام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏
وأخرج ابن سعد أيضا بإسناد صحيح إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث إن أم سلمة أخبرته فذكرت قصة خطبتها وقصة الشعير‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏يبني بصفية‏)‏ أصله يبنى خباء جديدا مع صفية أو بسببها ثم استعمل البناء في الدخول بالزوجة يقال بني الرجل بالمرأة أي دخل بها‏.‏
ـ وفيه دليل ـ على أنها تؤثر المرأة الجديدة ولو في السفر‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏التمر والأقط والسمن‏)‏ هذه الأمور الثلاثة إذا خلط بعضها بعض سميت حيسا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏بالانطاع‏)‏ جمع نطع بفتح النون وكسرها مع فتح الطاء واسكانها أفصحهن كسر النون مع فتح الطاء والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن بعدها طاء مهملة وقد تقدم تفسيره في الفطرة وفي هذه القصة دليل على اختصاص الحجاب بالحرائر من زوجاته صلى اللّه عليه وآله وسلم لجعل الصحابة رضي اللّه عنهم الحجاب أمارة كونها حرة‏.‏
  باب إجابة الداعي
1 - عن أبي هريرة قال ‏(‏شر الطعام طعام الوليمة تدعي لها الأغنياء وتترك الفقراء ومن لم يجب الدعوة فقد عصى اللّه ورسوله‏)‏‏.‏
متفق عليه‏.‏ وفي رواية قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب فقد عصي اللّه ورسوله‏)‏ رواه مسلم‏.‏
2 - وعن ابن عمر ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها وكان ابن عمر يأتي الدعوة في العرص وغير العرس ويأتيها وهو صائم‏)‏‏.‏
متفق عليه‏.‏ وفي رواية ‏(‏إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها‏)‏ متفق عليه ورواه أبو داود وزاد ‏(‏فإن كان مفطر فليطعم وإن كان صائما فليدع‏)‏ وفي رواية ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من دعى فلم يجب فقد عصى اللّه لفظ ‏(‏إذا دعا أحدكم أخاه فليجب‏)‏ رواه أحمد ومسلم وأبو داود‏.‏ وفي لفظ ‏(‏إذا دعى أحدكم إلى وليمة عرس فليجب‏)‏ وفي لفظ ‏(‏من دعى إلى عرس أو نحوه فليجب‏)‏ رواهما مسلم وأبو داود‏.‏
3 - وعن جابر قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك‏)‏‏.‏
رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه وقال فيه ‏(‏وهو صائم‏)‏‏.‏
4 - وعن أبي هريرة قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا دعى أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل وإن كان مفطرا فليطعم‏)‏‏.‏
رواه أحمد ومسلم وأبو داود‏.‏ وفي لفظ ‏(‏إذا دعي أحدكم إلى الطعام وهو صائم فليقل أني صائم‏)‏ رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي‏.‏
5 - وعن أبي هريرة عن ‏(‏النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا دعى أحدكم إلى الطعام فجاء مع الرسول فذلك له أذن‏)‏‏.‏
رواه أحمد وأبو داود‏.‏
الرواية التي أنفرد بها أبو داود بلفظ ‏(‏ومن دخل على غير دعوة دخل سارقا‏)‏ الخ في إسنادها أبان بن طارق البصرى سئل عنه أبو زرعة الرازي فقال شيخ مجهول وقال أبو أحمد بن عدي وابان بن طارق لا يعرف الا بهذا الحديث وهذا الحديث معروف به وليس له أنكر من هذا الحديث‏.‏ وفي إسناده أيضا درست بن زياد ولا يحتج بحديثه ويقال هو درست بن حممزة وقيل بل هما أثنان ضعيفان‏.‏وحديث أبي هريرة الآخر رجال إسناده ثقات لكنه قال أبو داود يقال قتادة لم يسمع من أبي رافع شيئا‏.‏ قوله ‏(‏شر الطعام طعام الوليمة‏)‏ إنما سماه شرا لما ذكره عقبه فكأنه قال شر الطعام الذي شأنه كذا‏.‏ وقال الطيبي اللام في الوليمة للعهد إذ كان من عادة الجاهلية أن يدعوا الأغنياء ويتركوا الفقراء‏.‏ وقوله ‏(‏يدعي‏)‏ الخ استنئاف وبيان لكونها شر الطعام وقال البيضاوي من مقدرة كما يقال شر الناس من أكل وحده أي من شرهم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏تدعى‏)‏ الخ الجملة في موضع الحال‏.‏ ووقع في رواية للطبراني من حديث ابن عباس ‏(‏بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الشبعان ويحبس عنه الجيعان‏)‏‏.‏ قوله ‏(‏فقد عصى اللّه ورسوله‏)‏ احتج بهذا من قال بوجوب الإجابة إلى الوليمة لأن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب وقد نقل ابن عبد البر والقاضي عياض والنووي الاتفاق على وجوب الإجابة لوليمة العرس‏.‏ قال في الفتح وفيه نظر نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب وصرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين ونص عليه مالك‏.‏ وعن بعض الشافعية والحنابلة أنها مستحبة وذكر اللخمي من المالكية أنه المذهب وعن بعض الشافعية والحنابلة هي فرض كفاية‏.‏ وحكى في البحر عن العترة والشافعية أن الإجابة إلى وليمة العرس مستحبة كغيرها ولم يحك الوجوب إلا عن أحد قولي الشافعي فانظركم التفاوت بين من حكى الإجماع على الوجوب وبين من لم يحكه إلا عن قول لبعض العلماء الظاهر الوجوب للأوامر الواردة بالإجابة من غير صارف لها عن الوجوب ولجعل الذي لم يجب عاصيا وهذا في وليمة شرعا كما سلف في أول الباب كانت الإجابة إليها واجبة‏.‏
ـ لا يقال ـ ينبغي حمل مطلق الوليمة على الوليمة المقيدة بالعرس كما وقع في رواية حديث ابن عمر المذكور بلفظ ‏(‏إذا دعى أحدكم إلى وليمة عرس فليجب‏)‏‏.‏
ـ لأنا نقول ـ ذلك غير ناتج للتقييد لما وقع في الرواية المتعقبة لهذه الرواية بلفظ من دعى إلى عرس أو نحوه وأيضا قوله ‏(‏من لم يجب الدعوة فقد عصى اللّه‏)‏ يدل على وجوب الإجابة إلى غير وليمة العرس‏.‏ قال في الفتح وأما الدعوة فهي أعم من الوليمة وهي بفتح الدال على المشهور وضمها قطرب في مثلثاته وغلطوه في ذلك على ما قال النووي‏.‏ وقال في الفتح أيضا في باب آخر والذي يظهر من اللام في الدعوة للعهد من الوليمة المذكورة أولا‏.‏ قال وقد تقدم أن الوليمة إذا اطلقت حملت على طعام العرس بخلاف سائر الولائم فإنها تقيد انتهى‏.‏ ويجاب أولا بأن هذا مصادرة على المطلوب لأن الوليمة المطلقة هي محل النزاع وثانيا بأن في أحاديث الباب ما يشعر بالإجابة إلى كل دعوة ولا يمكن فيه ما ادعاه في الدعوة وذلك نحو ما في رواية ابن عمر بلفظ ‏(‏من دعي فلم يجب فقد عصى اللّه‏)‏ وكذلك قوله ‏(‏من دعى إلى عرس أو نحوه فليجب‏)‏ وقد ذهب إلى وجوب الإجابة مطلقا بعض الشافعية ونقله عبد البر عن عبيد اللّه بن الحسن العنبري قاضي البصرة وزعم ابن حزم أنه قال جمهور الصحابة والتابعين‏.‏
وجزم بعدم الوجوب في غير وليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية وبالغ السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع وحكاه البحر عن العترة ولكن الحق ما ذهب إليه الأولون لما عرفت قال في الفتح بعد أن حكى وجوب الإجابة إلى وليمة العرس إن شرط وجوبها أن يكون الداعي مكلفا حرا رشيدا وأن لا يختص الأغنياء دون الفقراء وأن لا يظهر قصد التودد لشخص لرغبة فيه أو رهبة منه وأن يكون الداعي مسلما على الأصح وأن يختص باليوم الأول وعلى المشهور وأن لا يسبق فمن سبق تعينت الإجابة له دون الثاني وأن لا يكون هناك ما يتأذى بحضوره من منكر أو غيره وأن لا يكون له عذر وسيأتي البحث عن أدلة هذه الأمور إن شاء اللّه تعالى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏دخل سارقا وخرج مغيرا‏)‏ بضم الميم وكسر الغين المعجمة اسم فاعل من أغار يغير إذا نهب مال غيره فكأنه شبه دخوله على الطعام الذي لم يدع إليه بدخول السارق الذي يدخل بغير أرادة المالك لأنه اختفى بين الداخلين وشبه خروجه بخروج من نهب قوما وخرج ظاهرا بعد ما أكل بخلاف الدخول فإنه دخل مختفيا خوفا من أن يمنع وبعد الخروج قد قضي حاجته فلم يبق له حاجة إلى التستر‏.‏ قوله ‏(‏فإن شاء طعم‏)‏ بفتح الطاء وكسر العين أي أكل‏.‏ قوله ‏(‏وإن شاء ترك‏)‏ فيه دليل على إن نفس الأكل لا يجب على المدعي في عرس أو غيره وإنما الواجب الحضور وصحح النووي وجوب الأكل ورجحه أهل الظاهر ولعل متمسكه ما في الرواية الأخرى من قوله ‏(‏وإن كان مفطرا فليطعم‏)‏‏.‏ قوله ‏(‏فإن كان صائما فليصل‏)‏ وقع في رواية هشام بن حسان في آخره والصلاة الدعاء ويؤيده ما وقع عند أبي داود من طريق أبي أسامة عن عبيد اللّه بن عمر بن نافع في آخر الحديث المرفوع ‏(‏فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليدع‏)‏ وهو يرد قول بعض الشراح أنه محمول على ظاهره وإن المراد فليشتغل بالصلاة ليحصل له فضلها ويحصل لأهل المنزل والحاضرين بركتها ويرده أيضا حديث ‏(‏لا صلاة بحضرة طعام‏)‏‏.‏
وفي الحديث دليل على أنه يجب الحضور على الصائم ولا يجب عليه الأكل ولكن هذا بعد أن يقول للداعي أني صائم ما في الرواية الأخرى فإن عذره من الحضور بذلك وإلا حضر وهل يستحب له أن يفطر ان كان صومه تطوعا قال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالأفضل الفطر وإلا فالصوم واطلق الروباني استحباب الفطر وهذا على رأي من يجوز الخروج من صوم النفل وأما من يوجب الأستمرار فيه بعد التلبس به فلا يجوز قوله ‏(‏فذلك أذن له‏)‏ فيه دليل على أنه لا يجب الأستئذان على المدعو إذا كان معه رسول الداعي وإن كون الرسول معه بمنزلة الأذن‏.‏
=========================
باب ما يصنع إذا اجتمع الداعيان
1 - عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏إذا أجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابا فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا فإذا سبق أحدهما فأجب الذي سبق‏)‏‏.‏
رواه أحمد وأبو داود‏.‏
2 - وعن عائشة ‏(‏أنها سألت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقالت إن لي جارين فإلى أيهما أهدي فقال إلى أقربهما منك بابا‏)‏‏.‏
رواه أحمد والبخاري‏.‏
الحديث الأول في إسناده أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن المعروف بالدالاني وقد وثقه أبو حاتم الرازي وقال الإمام أحمد لا بأس به‏.‏ وقال ابن معين ليس به بأس‏.‏ وقال ابن حبان لا يجوز الأحتجاج به‏.‏ وقال ابن عدي في حديثه لين الا أنه يكتب حديثه وحكى عن شريك أنه قال كان مرجئا وقال في التلخيص إن إسناد هذا الحديث ضعيف ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من رواية حميد بن عبد الرحمن عن أبيه وقد جعل الحافظ حديث عائشة المذكور شاهدا للحديث الأول ووجه ذلك إن ايثار الأقرب بالهدية يدل على أنه أحق من الأبعد في الإحسان إليه فيكون أحق منه بإجابة دعوته مع اجتماعهما في وقت واحد فإن تقدم أحدهما كان أولى بالإجابة من الآخر سواء كان السابق هو الأقرب أو الأبعد فالقرب وإن كان سببا للإيثار ولكنه لا يعتبر الا مع عدم السبق فإن وجد السبق فلا اعتبار بالقرب فإن وقع الأستواء في قرب الدار وبعدها مع الأجتماع في الدعوة فقال الإمام يحيى يقرع بينهما وقد قيل أن من مرجحات الإجابة لأحد الداعيين كونه رحما أو من أهل العلم أو الورع أو القرابة من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏.‏
   باب إجابة من قال لصاحبه ادع من لقيت وحكم الإجابة في اليوم الثاني والثالث
1 - عن أنس قال ‏(‏تزوج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فدخل بأهله فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور فقالت يا أنس أذهب به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فذهبت به قال ضعه ثم قال أذهب فادع لي فلانا وفلانا ومن لقيت فدعوت من سمي ومن لقيت‏)‏‏.‏
متفق عليه ولفظه لمسلم‏.‏
قوله ‏(‏حيسا‏)‏ بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها سين مهملة وهو ما يتخذ من الأقط والسمن وقد يجعل عوض الأقط الدقيق‏.‏ قوله ‏(‏في تور‏)‏ يفتح الفوقية وسكون الواو وآخره راء مهملة وهو إناء من نحاس أوغيره‏.‏
والحديث فيه دليل على جواز الدعوة إلى الطعام على الصفة التي أمر بها صلى اللّه عليه وآله وسلم من دون تعيين المدعو وفيه جواز إرساله الصغير إلى من يريد المرسل دعوته إلى طعامه وقبول الهدية من المرأة الأجنبية ومشروعية هدية الطعام وفيه معجزة ظاهرة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فإنه قد روى إن ذلك الطعام كفى جميع من حضر إليه وكانوا جميعا كثيرا مع كونه شيئا يسيرا كما يدل على ذلك قوله فجعلته في تور وكون الحامل له ذلك الصغير‏.‏
2 - وعن قتادة عن الحسن عن عبد اللّه بن عثمان الثقفي عن رجل من ثقيف يقال أن له معروفا وأثني عليه قتادة إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم الوليمة أول يوم حق واليوم الثاني معروف واليوم الثالث سمعة ورياء‏)‏‏.‏
رواه أحمد وأبو داود ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وابن ماجه من حديث أبي هريرة‏.‏
الحديث الأول أخرجه أيضا النسائي والدارمي والبزار وأخرجه البغوي في معجم الصحابة فيمن اسمه زهير قال ولا أعلم له غيره وقال ابن عبد البر في إسناده نظر يقال أنه مرسل وليس له غيره وذكر البخاري هذا الحديث في تاريخه الكبير في ترجمة زهير بن عثمان وقال لا يصح إسناده ولا يعرف له صحبة ووهم ابن قانع فذكره في الصحابة فيمن اسمه معروف وذلك أنه وقع في السنن والسمند عن رجل من ثقيف كان يقال له معروفا أي يثني عليه وحديث ابن مسعود استغر به الترمذي‏.‏ وقال الدارقطني تفرد به زياد بن عبد اللّه عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عنه قال الحافظ وزياد مختلف في الأحتجاج به ومع ذلك فسماعه عن عطاء بعد الأختلاط‏.‏ وحديث أبي هريرة في في إسناده عبد الملك بن حسين النخعي الواسطي قال الجافظ ضعيف وفي الباب عن أنس عند البيهقي وفي إسناده بكر بن خنيس وهو ضعيف وذكر ابن أبي حاتم والدارقطني في العلل من حديث الحسن عن أنس ورجحا رواية من أرسله عن الحسن‏.‏
ـ وفي الباب ـ أيضا عن وحشي بن حرب عند الطبراني بإسناد ضعيف وعن ابن عباس عنده أيضا بإسناد كذلك‏.‏
الحديث فيه دليل على مشروعية الوليمة في اليوم الأول وهو من متمسكات من قال بالوجوب كما سلف وعدم كراهتها في اليوم الثاني لأنها معروف والمعروف ليس بمنكر ولا مكروه وكراهتها في اليوم الثالث لأن الشيء إذا كان للسمعة والرياء لم يكن حلالا‏.‏ قال النووي إذا أولم ثلاثا فالإجابة في اليوم الثالث مكروهة وفي الثاني لا تجب قطعا ولا يكون استحبابها فيه كاستحبابها في اليوم الأول انتهى‏.‏ وذهب بعض العلماء إلى الوجوب في اليوم الثاني وبعضهم إلى الكراهة وإلى كراهة الإجابة في اليوم الثالث ذهبت الشافعية والحنابلة والهادوية وأخرج ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت لما تزوج أبي دعا الصحابة سبعة أيام فلما كان يوم الانصار دعا أبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهما فكان أبي صائما فلما طعموا دعا أبي‏.‏ وأخرجه عبد الرزاق وقال فيه ثمانية أيام‏.‏ وقد ذهب إلى استحباب الدعوة إلى سبعة أيام المالكية كما حكى ذلك القاضي عياض عنهم وقد أشار البخاري إلى ترجيح هذا المذهب فقال باب إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم سبعة أيام ولم يؤقت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يوما ولا يومين انتهى ولا يخفى أن أحاديث الباب يقوى بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج بها على أن الدعوة بعد اليومين مكروهة‏.‏
   باب من دُعي فرأى منكرا فلينكره وإلا فليرجع
1 - قد سبق قوله ‏(‏من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه‏)‏‏.‏
2 - وعن علي رضي اللّه عنه قال ‏(‏صنعت طعاما فدعوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع‏)‏‏.‏
رواه ابن ماجه‏.‏
3 - وعن ابن عمر قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن مطعمين عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر وأن يأكل وهو منبطح‏)‏‏.‏
رواه أبو داود‏.‏
4 - وعن عمر قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بازار ومن كانت تؤمن باللّه واليوم الآخر فلا دخل الحمام‏)‏‏.‏
رواه أحمد‏.‏ ورواه البخاري بمعناه من رواية جابر وقال حديث حسن غريب قال أحمد وقد خرج أبو أيوب حين دعاه ابن عمر فرأي البيت قد ستر ودعي حذيفة فخرج وإنما رأى شيئا من زي الأعاجم‏.‏ قال البخاري ورأى ابن مسعود صورة في البيت فرجع‏.‏
الحديث الأول الذي أشار المصنف إليه قد سبق في باب خطبة العيد وأحكامها من كتاب العيدين‏.‏ وحديث علي أخرجه ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح وسياقه هكذا حدثنا أبو كريب قال حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي فذكره‏.‏ وتشهد له أحاديث قد تقدمت في الباب حكم مافيه صورة من الثياب من كتاب اللباس‏.‏ وحديث ابن عمر أخرجه أيضا النسائي والحاكم وهو من رواية جعفر بن برقان عن الزهري ولم يسمع منه وقد أعل الحديث بذلك أبو داود والنسائي وأبو حاتم ولكنه قد روى أحمد والنسائي والترمذي والحاكم عن جابر مرفوعا ‏(‏من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر‏)‏ وأخرجه أيضا الترمذي من طريق ليث بن أبي سليم عن طاوس عن جابر‏.‏ وهذا الحديث هو الذي أشار إليه المصنف وقد حسنه الترمذي وقال الحافظ جيد‏.‏ وأما الطريق الأخرى التي أنفرذ بها الترمذي فإسنادها ضعيف‏.‏ وأخرج نحوه البزار من حديث أبي سعيد والطبراني من حديث ابن عباس وعمران بن حصين‏.‏ وحديث عمر إسناده ضعيف كما قاله الحافظ في التلخيص وأثر أبي أيوب رواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ ‏(‏ودعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا فقال غلبنا عليه النساء فقال من كنت أخشي عليه فلم أكن أخشى عليك واللّه لا أطعم لكم طعاما فرجع‏)‏ وقد وصله أحمد في كتاب الورع ومسدد في مسنده والطبراني وأثر ابن مسعود قال الحافظ كذا في رواية المستملى والأصيلي والقابسي‏.‏ وفي رواية الباقين أبو مسعود والأول تصحيف فيما أظن فأني لم أر الأثر المعلق الا عن أبي مسعود عقبة بن عمرو أخرجه البيهقي من طريق عدي بن ثابت عن خالد بن سعد عن أبي مسعود وسنده صحيح وخالد بن سعد هومولى أبي مسعود الأنصاري ولا أعرف له عن عبد اللّه بن مسعود رواية ويحتمل أن يكون ذلك وقع لعبد اللّه بن مسعود أضا لكن لم أقف عليه‏.‏ وأخرج أحمد في كتاب الزهد من طريق عبد اللّه بن عتبة قال ‏(‏دخل ابن عمر بيت رجل دعاه إلى عرس فإذا بيته قد ستر بالكرور فقال ابن عمر يافلان متى تحولت الكعبة في بيتك فقال لنفر معه من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم ليهتك كل رجل ما يليه‏)‏‏.‏
وأحاديث الباب وآثاره فيها دليل على أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى اللّه ورسوله عنه لما في ذلك اظهار الرضا بها‏.‏ قال في الفتح وحاصله ان كان هناك محرم وقدر على إزالته فإزاله فلا بأس وإن لم يقدر فليرجع وإن كان مما يكره كراهة تنزيه فلا يخفى الورع‏.‏ قال وقد فصل العلماء في ذلك فإن كان هناك لهو مما اختلف فيه فيجوز الحضور والأولى الترك وإن كان هناك حرام كشرب الخمر نظر فإن كان المدعو ممن إذا حضر رفع لاجله فليحضر وان لم يكن كذلك ففيه للشافعية وجهان أحدهما يحضر وينكر بحسب قدرته وإن كان الأولى أن لا يحضر قال البيهقي وهو ظاهر نص الشافعي وعليه جرى العراقيون من أصحابه وقال صاحب الهداية من الحنفية لا بأس أن يقعد ويأكل إذا لم يقتدي به فإن كان ولم يقدر على منعهم فليخرج لما فيه من شين الدين وفتح باب المعصية وحكى عن أبي حنيفة أنه قعد وهو محمول على أنه وقع له ذلك قبل أن يصير مقتدى به قال وهذا كله بعد الحضور فإن علم قبله لم يلزمه الإجابة‏.‏ والوجه الثاني للشافعية تحريم الحضور لأنه كالرضا بالمنكر وصححه المروزي فإن لم يعلم حتى حضر فلينههم فإن لم ينتهوا فليخرج الا أن خاف على نفسه من ذلك وعلى ذلك جرى الحنابلة وكذا اعتبر المالكية في وجوب الأجاب أن لا يكون هناك منكر وكذلك الهادوية وحكى ابن بطال وغيره عن مالك أن الرجل إذا كان من أهل الهيبة لا ينبغي له أن يحضر موضعا فيه لهو أصلا ويؤيد منع الحضور حديث عمران بن حصين ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن إجابة طعام الفاسقين‏)‏ أخرجه الطبراني في الأوسط‏.‏
قوله ‏(‏فلا يدخل الحمام‏)‏ الخ قد تقدم الكلام على ذلك في باب ما جاء في دخول الحمام من كتاب الغسل‏.‏ قوله ‏(‏فرأى البيت قد ستر‏)‏ اختلف العلماء في حكم ستر البيوت والجدران فجزم جمهور الشافعية بالكراهة‏.‏ وصرح الشيخ نصر الدين المقدسي منهم بالتحريم واحتج بحديث عائشة عند مسلم ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إن اللّه لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين وجذب الستر حتى هتكه‏)‏ قال البيهقي هذه اللفطة تدل على كراهة ستر الجدر وان كان في بعض الفاظ الحديث ان المنع كان بسبب الصورة وقال غيره ليس في السياق ما يدل على التحريم وإنما فيه نفي الأمر بذلك ونفي الأمر لا يستلزم ثبوت النهي لكن يمكن أن يحتج بفعله صلى اللّه عليه وآله وسلم في هتكه‏.‏ وقد جاء عن ستر الجدر صريحا منها في حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره ‏(‏لا تستروا الجدر بالثياب‏)‏ وفي إسناده ضعيف وله شاهد مرسل عن علي بن الحسين أخرجه ابن وهب ثم البيهقي من طريقه وعند سعيد بن منصور من حديث سلمان موقوفا أنه أنكر ستر البيت وقال أمحموم بيتكم وتحولت الكعبة عندكم ثم قال لا أدخله حتى يهتك‏.‏ وأخرج الحاكم والبيهقي من حديث محمد بن كعب عن عبد اللّه بن يزيد الخطمي أنه رأى بيتا مستورا فقعد وبكى وذكر حديثا عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فيه ‏(‏كيف بكم إذا سترتم بيوتكم‏)‏ الحديث وأصله في النسائي‏.‏
  باب حجة من كره النثار والانتهاب منه
1 - عن زيد بن خالد ‏(‏أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهي عن النهبة والخلس‏)‏‏.‏
رواه أحمد‏.‏
2 - وعن عبد اللّه بن يزيد الأنصاري ‏(‏أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن المثلة والنهبي‏)‏‏.‏
رواه أحمد والبخاري‏.‏
3 - وعن أنس ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من انتهب فليس منا‏)‏‏.‏
رواه أحمد والترمذي وصححه وقد سبق من حديث عمران بن حصين مثله‏.‏
حديث زيد بن خالد قال في مجمع الزوائد أخرجه أحمد والطبراني وفي إسناده رجل لم يسم‏.‏ وحديث عمر ان قد تقدم وتقدم في شرحه الكلام عليه وعلى النثار‏.‏
ـ والحاصل ـ إن أحاديث النهي عن النهبي ثابتة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من طريق جماعة من الصحابة في الصحيح وغيره وهي تقتضي تحريم كل انتهاب ومن جملة ذلك انتهاب النثار ولم يأت ما يصلح لتخصيصه ولو صح حديث جابر الذي أورده الجويني وصححه وأورده الغزالي والقاضي حسين من الشافعية لكان مخصصا لعموم النهي عن النهبي ولكنه لم يثبت عند أئمة الحديث المعتبرين حتى قال الحافظ أنه لا يوجد ضعيفا فضلا عن صحيح والجويني وإن كان من أكابر العلماء فليس هو من علماء الحديث وكذلك الغزالي والقاضي حسين وإنما هم من الفقهاء الذي لا يميزون بين الموضوع وغيره كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة واطلاع على مؤلفات هؤلاء‏.‏ ولفظ حديث جابر عندهم ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم حضر في أملاك فأتى بأطباق فيها جوز ولوز فنثرت فقبضنا أيدينا فقال مال كم لا تأخذون فقالوا إنك نهيت عن النهبى فقال إنما نهيتكم عن نهبى العساكر خذوا على اسم اللّه فتجاذبناه‏)‏ ولكنه قد روى هذا الحديث البيهقي من حديث معاذ بن جبل بإسناد ضعيف منقطع ورواه الطبراني من حديث عائشة عن معاذ وفيه بشر بن إبراهيم المفلوح قال ابن عدي هو عندي ممن يضع الحديث وساقه العقيلي من طريقه ثم قال لا يثبت في الباب شيء وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ورواه أيضا من حديث أنس وفي إسناده خالد بن اسمعيل قال ابن عدي يضع الحديث وقال غيره كذاب‏.‏ وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن والشعبي أنهما كانا لا يريان به بأسا وأخرج كراهيته‏.‏ عن ابن مسعود وإبراهيم النخعي وعكرمة قال في البحر فصل والنثار بضم النون وكسرها ما ينثر في النكاح أو غيره مسألة الحسن البصري في القاسم وأبو حنيفة وأبو عبيد وابن المنذر من أصحاب الشافعي وهو مباح إذ ما نثره مالكه إلا إباحة له ‏؟‏‏؟‏الأمام يحيى‏؟‏‏؟‏ ولا قول للّهادي فيه لا نصا ولا تخريجا عطاء وعكرمة وابن أبي ليلى وابن شبرمة ثم الشافعي ومالك بل يكره لمنافاته المروءة والوقار الصميري يندب ويكره الانتهاب لذلك قلت ندبهما لخير جابر انتهى‏.‏ وقد تقدم في باب من أذن في انتهاب أضحيته من أبواب الضحايا حديث جعله المصنف حجة لمن رخص في النثار‏.‏
باب ما جاء في إجابة دعوة الختان
1 - عن الحسن قال ‏(‏دعي عثمان ابن أبي العاص إلى ختان فأبي أن يجيب فقيل له فقال انا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولاندعي له‏)‏‏.‏
رواه أحمد‏.‏
الأثر هو في مسند أحمد بإسناد لا مطعن فيه الا أن فيه ابن إسحاق وهوثقة ولكنه مدلس وقد أخرجه الطبراني في الكبير بإسناد أحم وأخرجه ايضا بإسند آخر في حمزة العطار وثقه ابن أبي حاتم وضعفه غيره‏.‏ وقد استدل به على عدم مشروعية إجابة وليمة الختان لقوله ‏(‏كنا لا نأتي الختان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏ وقد قدمنا إن مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وجوب الإجابة إلى سائر الولائم وهي على ما ذكره القاضي عياض والنووي ثمان‏.‏ الأعذار بعين مهملة وذال معجمة للختان‏.‏ والعقيقة للولادة‏.‏ والخرس بضم المعجمة وسكون الرء بعدها السين المهملة لسلامة المرأة من الطلق وقيل هو طعام الولادة‏.‏ والعقيقة مختص بيوم السابع‏.‏ والنقيعة لقدوم المسافر مشتقة من النقع وهو الغبار‏.‏ والوكيرة للمسكن المتجدد مأخوذ من الوكير وهو المأوى‏.‏ والمستقر والوضيمة‏.‏ بضاد معجمة لما يتخذ عند المصيبة‏.‏ والمأدبة لما يتخذ بلا سبب ودالها مضمومة ويجوز فتحها انتهى‏.‏ وقد زيد وليمة الاملاك وهو التزوج ووليمة الدخول وهو العرس وقل من غاير بينهما ومن الولائم الأحذاق بكسر الهمزة وسكون المهملة وتخفيف الذال المعجمة وآخره قاف الطعام الذي يتخذ عند حذق الصبي ذكره ابن الصباغ في الشامل وقال ابن الرفعة هو الذي يصنع عند ختم القرآن‏.‏ وذكر المحاملي في الولائم العتيرة بفتح المهملة ثم مثناة مكسورة وهي شاة تذبح في أول رجب وتعقب بأنها في معنى الأضحية فلامعنى لذكرها مع الولائم قيل ومن جملة الولائم تحفة الزائر‏.‏
باب الدف واللّهو في النكاح
1 - عن محمد بن حاطب قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح‏)‏‏.‏
رواه الخمسة إلا أبا داود‏.‏
2- وعن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أعلنوا هذا النكاح وأضربوا عليه بالغربال‏)‏ روه ابن ماجه‏.‏
3 - وعن عائشة ‏(‏أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ما معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللّهو‏)‏‏.‏
رواه أحمد والبخاري‏.‏
4 - وعن عمرو بن يحيى المازني عن جده أبي حسن ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يكره نكاح السر تى يضرب بدف ويقال أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم‏)‏‏.‏
رواه عبد اللّه بن أحمد وفي المسند‏.‏
5 - وعن ابن عباس قال ‏(‏أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أهديتكم الفتاة قالوا نعم قال أرسلتم معها من يغني قالت لا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إن الأنصار قوم فيها غزل فلو بعثتم معها من يقول أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم‏)‏‏.‏
رواه ابن ماجه‏.‏
6 - وعن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت ‏(‏دخل على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويرات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائي يوم بدر حتى قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لا تقولي هكذا وقولي كما كنت تقولين‏)‏‏.‏
رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي‏.‏
حديث محمد بن حاطب حسنه الترمذي قال ومحمد بن حاطب قد رأي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو صغير وأخرجه الحاكم‏.‏ وحديث عائشة في إسناده خالد بن الياس وهو متروك وقد أخرجه أيضا الترمذي بلفظ ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف‏)‏ قال الترمذي هذا حديث غريب وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث وعيسى بن ميمون الذي يروي عن ابن أبي نجيح هو ثقة انتهى‏.‏ وقد روى الترمذي هذا الحديث من طريق الأول‏.‏ وأخرجه أيضا البيهقي وفي إسناده خالد بن الياس وهو منكر الحديث‏.‏ وحديث عمرو بن يحيى سياقه في سنن ابن ماجه هكذا حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا الأجلح عن أبي الزبير عن ابن عباس فذكره والأجلح وثقه ابن معين العجلي وضعفه النسائي وبقية رجال الإسناد رجال الصحيح يشهد له حديث ابن عباس المذكور‏:‏ وحديث ابن عباس في إسناده الحسين بن عبد اللّه بن ضميرة قال في مجمع الزوائد وهو متروك وأخرجه أيضا الطبراني وابو الشيخ‏.‏
ـ وفي الباب ـ عن عامر بن سعد قال دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس ‏(‏وإذا جوار يغنين فقلت أي صاحبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أهل بدر يفعل هذا عندكم فقالا أجلس إن شئت فاستمع معنا وإن شئت فأذهب فإنه قد رخص لنا اللّهو عند العرس‏)‏ أخرجه النسائي والحاكم وصححه وأخرج الطبراني من حديث السائب بن يزيد ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم رخص في ذلك‏)‏ قوله الدف والصوت أي ضرب الدف ورفع الصوت‏.‏ وفي ذلك دليل على أنه يجوز في النكاح ضرب الأدفاف ورفع الأصوات بشيء من الكلام نحو أتيناكم ونحوه لا بالأغاني المهيجة للشرور المشتملة على وصف الجمال والفجور ومعاقرة الخمور فإن ذلك يحرم في النكاح كما يحرم‏.‏ في غيره وكذلك سائر الملاهي المحرمة‏.‏ قال في البحر الأكثر وما يحرم من الملاهي في غير النكاح يحرم في لعموم النهي النخعي وغيره يباح في النكاح لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم واضربوا عليه بالدفوف فيقاس المزمار وغيره قال قلنا هذا لا ينافي عموم قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم إنما نهيت عن صوتين أحمقين الخبر ونحوه فيحمل على ضربة غير ملهية قال الإمام يحيى دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار له صوت يطرب لحلاوة نغمته وهذا لا إشكال في تحريمه وتعلق النهي به وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه وطوله إلى أربعة أشباب فهو الذي أراده صلى اللّه عليه وآله وسلم لأنه المعهود حينئذ وقد حكى أبو طالب عن الهادي إنه محرم أيضا إذ هو آلة لهو وحكى المؤيد باللّه عن الهادي أنه يكره فقط وهو الذي في الأحكام‏.‏ وقال أبو العباس وأبو حنيفة وأصحابه بل مباح لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم اللّه واضربوا عليه بالدفوف وهذا هو الظاهر للأحاديث المذكورة في الباب بل لا يبعد أن يكون ذلك مندوبا ولأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله أعلنوا هذا النكاح الحديث ويؤيد ذلك ما في حديث المازني المذكور ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف‏:‏ قوله ‏(‏ما كان معكم لهو‏)‏ قال في الفتح في رواية شريك فقال فهل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني قلت تقول ماذا قال تقول‏:‏
أتيناكم أتيناكـــم ** فحيانا وحياكم
ولولا الذهب الأحم ** ر ماحلت بواديكم
ولولا الحنطة السمرا * ء ما سمنت عذاريكم
قوله ‏(‏بني على‏)‏ أي تزوج بي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏كمجلسك‏)‏ بكسر اللام أي مكانك قال الكرماني هو محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب أو كان قبل نزول الآية الحجاب أو عند الأمن من الفتنة قال الحافظ والذي صح لنا بالأدلة القوية أن من خصائصه صلى اللّه عليه وآله وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها‏.‏ قال الكرماني ويجوز أن تكون الرواية كمجلسك بفتح اللام‏.‏ قوله ‏(‏يندبن‏)‏ من الندبة بضم النون وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه قال المهلب وفي هذا الحديث اعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح وفي اقبال الامام إلى العرس وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد المباح وسيأتي الكلام في الغناء وآلات الملاهي مبسوطا في أبواب السبق إن شاء اللّه تعالى‏.‏
  باب الأوقات التي يستحب فيها البناء على النساء وما يقول إذا زفت إليه
1 - عن عائشة قالت ‏(‏تزوجني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في شوال وبني بي في شوال فأي نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وكان أحظى عنده مني وكانت عائشة تستحب أن يدخل نساؤها في شوال‏)‏‏.‏
رواه أحمد ومسلم والنسائي‏.‏
2 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏إذا افاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فليأخذ بناصيتها وليقل اللّهم أي أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه‏)‏‏.‏
رواه ابن ماجه وأبو داود بمعناه‏.‏
حديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضا النسائي وسكت عنه أبو داود ورجال إسناده إلى عمرو بن سعيد ثقات وقد تقدم اختلاف الأئمة في حديث عمرو بن شعيب ولفظه في سنن أبي داود ‏(‏إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللّهم أني أسألك خيرها وخير ماجبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك‏)‏ وفي رواية ‏(‏ثم ليأخذ بناصيتهما‏)‏ يعني المرأة والخادم وليدع بالبركة‏.‏
ـ استدل ـ المصنف بحديث عائشة على استحباب البناء بالمرأة في شوال وهو إنما يدل على ذلك إذا تبين ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قصد ذلك الوقت لخصوصية له لا توجد في غيره لا إذا كان وقوع ذلك منه صلى اللّه عليه وآله وسلم على طريق الأتفاق وكونه بعض أجزاء الزمان فإنه لا يدل على الأستحباب لأنه حكم شرعي يحتاج إلى دليل وقد تزوج صلى اللّه عليه وآله وسلم بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الأتفاق ولم يتحر وقتا مخصوصا ولو كان مجرد الوقوع يفيد الأستحاب لكان كل وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يستحب البناء فيه وهو غير مسلم‏.‏ والحديث الثاني فيه استحباب الدعاء بما تضمنه الحديث عند تزوج المرأة وملك الخادم والدابة وهو دعاء جامع لأنه إذا لقي الإنسان الخير من زوجته أو خادمه أو دابته وجنب الشر من تلك الأمور كان في ذلك جلب النفع واندفاع الضرر‏:‏ قوله ‏(‏إذا أفاد أحدكم‏)‏ قال في القاموس أفدت المال استفدته وأعطيته انتهى والمراد هنا الأول‏.‏
   باب ما يكره من تزين النساء به ومالا يكره
1 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت ‏(‏أتت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم امرأة فقالت يا رسول اللّه ان لي ابنة عريسا وأنه أصحابها حصبة فتمرق شعرها أفاصله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لعن اللّه الواصلة والمستوصلة‏)‏‏.‏
متفق عليه متفق على مثله من حديث عائشة‏.‏
2 - وعن ابن عمر ‏(‏ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة‏)‏‏.‏
3 - عن ابن مسعود أنه قال ‏(‏لعن اللّه الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق اللّه تعالى وقال مالي لا ألعن من لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏‏.‏
4 - وعن معاوية أنه قال ‏(‏وتناول قصة من شعر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهي عن مثل هذه ويقول إنما هلكت بنو اسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم‏)‏‏.‏
متفق عليهن‏.‏
5 - وعن معاوية قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زورا‏)‏‏.‏
رواه أحمد‏.‏ وفي لفظ ‏(‏أيما امرأة زادت في شعرها شعرا ليس منه فإنه زور تزيد فيه‏)‏ رواه النسائي ومعناه متفق عليه‏.‏
6 - وعن ابن مسعود قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهي عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة الا من داء‏)‏‏.‏
7 - وعن عائشة قالت ‏(‏كان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والموشومة والواصلة والموصولة‏)‏‏.‏
رواهما أحمد والنامصة ناتفة الشعر من الوجه والواشرة التي تشر الأسنان حتى تكون لها أشر أي تحدد ورقة تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بالحديثة السن والواشمة التي تغرز من اليد بارة ظهر الكف والمعصم ثم تحشى بالكحل أو بالنؤر وهو دخان الشحم حتى يخضر والمنتمصة والمؤتشرة والمستوشمة اللاتي يفعل بهن ذلك بأذنهن وأما القاشرة والمقشورة فقال أبو عبيد نراه أراد هذه الغمرة التي يعالج بها النساء وجوههن حتى ينسحق أعلى الجلد ويبدو ما تحته من البشرة وهو شبيه بما جاء في النامصة‏.‏
حديث عائشة الثاني قال في مجمع الزوائد وفيه من لم أعرفه من النساء‏.‏
ـ وفي الباب ـ عن ابن عباس قال ‏(‏لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمنتمصة والواشمة والمستوشمة غير داء‏)‏ أخرجه أبو داود وعن جابر عند مسلم ‏(‏زجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المرأة أن تصل شعرها بشيء‏)‏ وعن معقل بن يسار عند أحمد والطبراني‏.‏ وعن أبي أمامة عند الطبراني بإسناد صحيح‏.‏ وعن ابن عباس أيضا حديث آخر عند الطبراني‏.‏
قوله ‏(‏عريسا‏)‏ بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء المكسورة تصغير عروس والعروس يقع على المرأة والرجل في وقت الدخول‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏حصبة‏)‏ بفتح الحاء واسكان الصاد المهملتين ويقال أيضا بفتح الصاد وكسرها ثلاث لغات حكاهن جماعة والاسكان أشهر وهي بئر تخرج في الجلد تقول منه حصب جلده بكسر الصاد يحصب‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فتمرق‏)‏ بالراء المهملة بمعنى تساقط هكذا حكى القاضي عياض في المشارق عن جمهور الرواة وحكى عن جماعة من رواة صحيح مسلم أنه بالزاي قال وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول ولكنه لا يستعمل في الشعر في حال المرض قوله‏:‏ الواصلة هي التي تصل شعر امرأة بشعر امرآة أخرى لتكثر به شعر المرأة والمستوصلة هي التي تستدعي أن يفعل بها ذلك ويقال لها موصولة كما في الرواية الأخرى والواشمة فاعلة الوشم وهو أن يغرز في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة حتى يسيل الدم ثم يحشي ذلك الموضع بالكحل أو النؤر فيخضر ذلك الموضع وهو مما تستحسنه الفساق والنؤر الذي ذكره المصنف قال المصنف قال في القاموس كصبور وهو دخان الشحم كما ذكر وقد يطلق على أشياء أخر كما في القاموس وقد يكون الوشم بدارات ونقوش وقد يكثر وقد يقلل والوصل حرام لأن اللعن لا يكون على أمر غير محرم قال النووي وهذا هو الظاهر المختار قال وقد فصله أصحابنا فقالوا إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف وسواء كان شعر رجل أو امرأة وسواء شعر المحرم والزوج وغيرهما بلا خلاف لعموم الأدلة ولأنه يحرم الأنتفاع بشعر الآدمي وسائر اجزائه لكرامته بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه وان وصلته بشعر غير آدمي فإن كان شعرا نجسا وهو شعر الميتة وشعر مالا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضا للحديث ولأنه حمل نجاسة في صلاتها وغيرها عمدا وسواء في هذين النوعين المزوجة وغيرها من النساء والرجال وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضا وان كان فثلاثة أوجه أحدها لا يجوز لظاهر الأحاديث والثاني يجوز وأصحها عندهم إن فعلته بأذن الزوج أو السيد جاز ولا فهو حرام انتهى وقال القاضي عياض اختلف العلماء في المسألة فقال مالك والطبري وكثيرون أو الأكثرون الوصل ممنوع بكل شيء سواء وصلته بشعر أو صوف أو خرق واحتجوا بحديث جابر أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زجر أن تصل المرأة برأسها شيئا‏.‏ وقال الليث بن سعد النهي مختص الوصل بالشعر ولا بأس بوصله بصوف وخرق وغيرهما‏.‏ وقال الإمام المهدي أن وصل شعر النساء بشعر الغنم لا وجه لتحريمه ويرده عموم حديث جابر المذكور فإنه شامل للشعر والصوف والوبر وغيرها‏.‏ وحكى النووي عن عائشة أنه يجوز الوصل مطلقا قال ولا يصح عنها بل الصحيح عنها كقول الجمهور‏.‏ قال القاضي عياض فأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لأنه ليس بوصل ولا هو في معنى مقصود الوصل وإنما هو للتجمل والتحسين ويجاب بأن يخصيص عموم حديث جابر لا يكون الا لدليل فما هو وذهبت الهادوية إلى جواز الوصل بشعر المحرم ويجاب بأن تحريم مطلق الوصل يستلزم تحريم الوصل بشعر المحرم وكذلك عموم حديث جابر وحديث معاوية وقال الإمام يحيى إنما يحرم على غير ذوات الأزواج ويجاب بحديث أسماء المذكور فإنه مصرح بأن الوصل فيه للعروس ولم يجزء صلى اللّه عليه وآله وسلم فهو حرام أيضا لما تقدم‏.‏
قال أصحاب الشافعي هذا الموضع الذي وشم يصير نجسا فإن أمكن إزالته بالعلاج وجب إزالته وإن لم يكن الا بالجرح فإن خافت منه التلف أو فوات عضو أو منفعته أو شيئا فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته وإذا تابت لم يبق عليها أثم وإن لم تخف شيئا من شيء ونحوه لزمها إزالته وتعصى بتأخيره وسواء في هذا كله الرجل والمرأة‏.‏ قوله ‏(‏والمتنمصات‏)‏ بالتاء الفوقية ثم النون ثم الصاد المهملة جمع متنمصة وهي التي تستدعي نتف الشعر من وجهها ويروى بتقديم النون على التاء قال النووي والمشهور تأخيرها والنامصة المزيلة له من نفسها أو من غيرها وهو حرام قال النووي وغيره الا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل تستحب وقال ابن جرير لا يجوز حلق لحيتها ولا عنفقتها ولا شاربها‏.‏ قوله ‏(‏والمتفلجات‏)‏ بالفاء والجيم جمع متفلجة وهي التي تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات وهو من الفلج بفتح الفاء واللام وهو الفرجة بين الثنايا والرباعيات تفعل ذلك العجوز ومن قاربها في السن اظهارا للصغر وحسن الأسنان لان هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغائر فإذا عجزت المرأة كبرت سنها فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر وتوهم كونها صغيرة‏.‏ قال النووي ويقال له الوشر وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها‏.‏ قوله ‏(‏قصة‏)‏ بضم القاف وتشديد الصاد المهملة وهو القطعة من الشعر من قصصت الشعر أي قطعته‏.‏ قال الأصمعي وغيره وهو شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة وقيل شعر الناصية‏.‏ قوله ‏(‏عن مثل هذه‏)‏ أي عن التزين بمثل هذه القصة من الشعر‏.‏ قوله ‏(‏إنما هلكت بنو اسرائيل‏)‏ الخ هذا تهديد شديد لأن كون مثل هذا الذنب كان سببا لهلاك مثل تلك الأمة يدل على أنه من أشد الذنوب قال القاضي عياض قيل يحتمل أنه كان محرما عليهم فعوقبوا باستعماله وهلكوا بسببه وقيل يحتمل أن ذلك الهلاك كان به وبغيره مما ارتكبوه من المعاصي فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا وفيه معاقبة العامة بظهور المنكر انتهى‏.‏ قوله ‏(‏الا من داء‏)‏ ظاهره ان التحريم المذكور وإنما هو فيما إذا كان القصد التحسين لا لداء وعلة فإنه ليس بمحرم وظاهر قوله المغيرات خلق اللّه أنه لا يجوز تغيير شيء من الخلقة عن الصفة التي هي عليها‏.‏ قال أبو جعفر الطبري في هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز تغيير شيء مما خلق اللّه المرأة عليه بزيادة أو نقص التماسا للتحسين لزوج أو غيره كما لوكان لها سن زائدة أو عضو زائد فلا يجوز لها قطعه ولا نزعه لأنه من تغيير خلق اللّه وهكذا لو كان لها أسنان طوال فأرادت تقطيع أطرافها وهكذا قال القاضي عياض وزاد أن تكون هذه الزوائد مؤلمة وتتضرر بها فلا بأس بنزعها قيل وهذا إنما هو في التغيير الذي يكون باقيا فأما ما لا يكون باقيا كالكحل ونحوه من الخضابات فقد أجازه مالك وغيره من العلماء‏.‏ وقوله ‏(‏هذه الغمرة‏)‏ بفتح الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء طلاء من الورس وفي القاموس في مادة الغمر وبالضم الزعفران كالغمرة‏.‏
8 - وعن عائشة قالت ‏(‏كانت امرأة عثمان بن مظعون تخضب وتطيب فتركته فدخلت علي فقلت أمشهد أم مغيب فقالت مشهد قالت عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء قالت عائشة فدخل عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فأخبرته بذلك فلقى عثمان فقال يا عثمان تؤمن بما نؤمن به قال نعم يا رسول اللّه قال قال فأسوة مالك بنا‏)‏‏.‏
9 - وعن كريمة بنت همام قالت ‏(‏دخلت المسجد الحرام فأخلوه لعائشة فسألتها امرأة ما تقولين يا أم المؤمنين في الحناء فقالت كان حبيبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يعجبه لونه ويكره ريحه وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين أو عند كل حيضة‏)‏‏.‏
رواها أحمد‏.‏
10 - وعن أنس قال ‏(‏لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال‏)‏ وفي رواية ‏(‏لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم فأخرج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فلانة وأخرج عمر فلانا‏)‏‏.‏
رواهما أحمد والبخاري‏.‏
حديث عائشة الأول أخرجه أحمد من طرق مختلفة متعددة هذه المذكورة هنا أحدها قال في مجمع الزوائد وأسانيد أحمد رجالها ثقات وقد تقدم ما يشهد له في أول كتاب النكاح وحديثها الثاني أيضا تقدم ما يشهد له في كتاب الطهارة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏أمشهد أم مغيب‏)‏ أو أزوجك شاهد أم غائب والمراد أن ترك الخضاب والطيب إن كان لأجل غيبة الزوج فذاك وإن كان لأمر آخر مع حضوره فما هو فأخبرتها إن زوجها لا حاجة له بالنساء فهي في حكم من لا زوج لها واستنكار عائشة عليها ترك الخضاب والطيب يشعر بأن ذوات الأزواج يحسن منهن التزين للأزواج بذلك وكذلك قوله في الحديث الآخر وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين يدل على أنه لا بأس بالأختضاب بالحناء وقد تقدم الكلام في الخضاب في الطهارة وقد ذكر في البحر أنه يستحب الخضاب للنساء‏.‏ قوله ‏(‏لعن اللّه المتشبهين من الرجال‏)‏ الخ فيه دليل على أنه يحرم على الرجال التشبه بالنساء وعلى النساء التشبه بالرجال في الكلام واللباس والمشي وغير ذلك والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وقد تقدم الكلام على المخنثين ضبطا وتفسيرا وذكر من أخرجه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم منهم‏.‏ وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة قال ‏(‏أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما بال هذا قالوا يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع بالنون فقيل يا رسول اللّه الا تقتله‏:‏ فقال أني نهيت أن أقتل المصلين‏)‏ وروى البيهقي أن أبا بكر خرج مخنثا وأخرج عمر واحدا وأخرج الطبراني من حديث وائلة بن الأسقع أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أخرج الخنيث‏.‏ ================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تاب الطلاق للعدة محكما وكاملا

كتاب الطلاق المُحْكَم والكامل كتاب الطلاق المحكم والكامل منقحا هيتميل  نسخة منقحة ليس فيها درافت بلوجر الملوث للمدونة ومذيلة بموضوع ال...